الأسرة والمجتمع

في منازلنا أخطر الكائنات ينتقمن بخنق الاطفال والاهل في سُبات

وجود الخادمة في البيت سلاح ذو حدين. الحد الأول في صالح البيت والأسرة التي أصبحت لا تستغني عن خدماتها. والحد الأخر حد مضاد لأمن الأسرة وهدوئها واستقرارها بعد أن صارت الخادمة تشكل خطرا لا يستهان به في محيط العائلة.. مشاكل ومتطلبات وأزمات حقيقية ومفتعلة لا تنتهي..
هل السبب في ذلك هو نوعية الخادمات وظروفهن البيئية التي تحتم عليهن هذا السلوك العدواني؟ أم يعود السبب إلى الأسر التي تعامل الخادمة كأنها آلة لا تكل ولا تمل ولا تميـز القسوة من الرحمة ولا العطف من الحرمان؟ من خلال هذا الاستطلاع نحاول العثور على إجابات مقنعة

بشر مثلنا
تقول نجاة علي “الخدم بشر مثلنا لا بد إن نحترم آدميتهم وإنسانيتهم ونرحم ضعفهم وحاجتهم .. فهم ليسوا آلات لا تفتر .. وللأسف هناك كثير من الناس لا يشعرون بهم ولا يحسنون معاملتهم ويكثرون من إصدار الأوامر لهم في كل كبيرة وصغيرة حتى كوب الماء لا يكلفون أنفسهم عناء إحضاره.. ولغة الأوامر عندهم هي الصراخ والتجريح دون احترام وتقدير لما تقوم به الخادمة من إعمال .. من هنا لا بد إن تحقد الخادمة على الأسرة وتحمل لهم الكره والضغينة لان سوء المعاملة لا يولد إلا نارا وحقدا فى النفوس”

بركان
أما شعاع محمد فتحمل على الخادمات ، لأنهن – في رأيها ـ أتين من بيئة متدنية ماديا وفكريا واجتماعياً، مما يجعلهن يشعرن بالغيرة والحسد .. وتضيف شعاع أن القسوة معهن تزيد أخلاقهن سوءا وتدفعهن فى اغلب الأحيان إلى الانتقام الذي قد يتخذ لديهن صورا عديدة والحل الذي تطرحه شعاع هو اتقاء شرهن بعدم احتقارهن أو إشعارهن بالدونية وإنما على العكس لا بد من احترام أدميتهن وإنسانيتهن ومنحهن الهدايا بين الحين والأخر كذلك لابد من إعطائهن الوقت الكافي للراحة. ولا يصح أبدا ـ كما تقول شعاع ـ إن نحرم الخادمة من الطعام أو نكلفها فوق طاقتها فنشتت ذهنها بين العديد من مطالبنا حتى لا يزيد حقدها وكراهيتها لنا وتنفجر كالبركان

تقدير
وتوافقها في الرأي منيرة الأحمد التي تؤكد على ضرورة اتقاء شـر الخادمة بطرق عديدة منها تقدير جهودها بالشكر والثناء، وعدم إثقال كاهلها بالطلبات الزائدة عن الحاجة أو تلك التي تستطيع ربة البيت قضاءها. وتطالبنا منيرة بأن نضع في حسباننا أن هؤلاء الخـادمــات تركن أهلهن وأبناءهن تحملن الغربة عن أوطانهن بسبب ظروفهن، فلا يجب ان نشكل عبئا آخر عليهن ، ويمكن بأشياء بسيطة إن نكسب ودهن، لأنهن يرضين بأقل القليل .. وفى حالة ارتكاب الخادمة لخطأ ما لا بد إن نبين لها ذلك بأسلوب متحضر غير القسوة ولا أهانه فهي قبل كل شيء بشر تخطئ وتصيب .

نكران
التجربة التي خاضتها نورة العيسى . جعلتها تؤمن أن بعض الخادمات لا يؤمن جانبهن مهما بذلت معهن من حسن لمعاملة والاحترام فلا تجد فى مقابل ذلك سوى النكران
وتحكي نورة عن تجربته فتقول : “كنت اترك ابنتي الصغيرة مع الخادمة واذهب إلى عملي فكانت تذيقها صنوف العذاب مع إنني كنت أحسن معاملتها واحترمها وأقدم لها الهدايا في المناسبات ولا احرمها من إي شيء موجود في المنزل، إلا اننى صدمت من سوء معاملتها لابنتي الصغيرة، ورغم ذلك قررت إن أسفرها دون إن أؤذيها

ضرب مبرح
وتشهد منى عبد الله بأن بعض الأسر لا تعرف الرحمة فى معاملة الخادمة أو السائق، سواء من ناحية السباب الذي لا يتوقف والذي يصل في بعض الأحيان الى الضرب المبرح، وسمعنا عن حوادث كثيرة راحت فيه الخادمة ضحية لقسوة الضرب الذي تتعرض له ، وهناك أسر تحرم الخادمة من الأكل والنوم. وتعلق منى على ذلك بقولها “الخادمة بشر مثلنا تشعر وتحس ولا تقبل الاأهانة أبدا”

تشتت
وترى لمياء احمد إن بعض الأسر ترتكب خطأ كبيرا عندما تلقي بكامل مسئولية البيت على الخادمة وتحملها كافة أعبائه، من تنظيف وترتيب وطهي وغسيل إلى تربية الأبناء، والخطر يشتد عندما تكون الخادمة غير مسلمة فتلقن الأطفال مبادئها وعقيدتها دون علم أو رقابة من الأهل ، فينشأ الأطفال مشتتين غير مستقرين على مبدأ واحد .. وتضيف لمياء أن بعض الخادمات قد يستخدمن القسوة الشديدة مع الأبناء انتقاما من ربة البيت التي تركت لهن مسئولية البيت كله.. وفي بعض الأحيان نجد الأطفال أكثر تعلقاً بالخادمة من تعلقهم بأمهاتهم لأنهم لا يرون غيرها في البيت تعتني بهم وتقضي حاجاتهم، وهذه بعض الآثار السلبية لوجود الخادمة في المنزل

حوادث
وتحكي لنا غادة عبدالرحمن عن أساليب الخادمات فى الانتقام من الأسر التي تسيء معاملتهن فتقول : “سمعت إن إحدى الخادمات كانت تطعم الطفل فضلات تخلطها له مع طعامه، وخادمة أخرى كانت تقيده وتحبسه فى غرفة فى غياب أهله ، وأخرى كانت تقوم بحرق جسده انتقاما من أسرته .. وكل هذه الحوادث جاءت من وراء قيام أهل البيت بإهانة الخادمة وضربها واحتقارها أو عدم إعطائها راتبها، مما يدفعها إلى الانتقام لنفسها لكي تشفي غليلها ممن ظلمها

رائي المستشارالنفسي
ويرى المستشار النفسي وخبير العلاقات الزوجية والتواصل الدكتور ماهر العربي أن وجود الخادمة أصبح جزءا من بعض المجتمعات والأسر، والمتعارف عليه أن أغلب الخادمات غير مؤهلات ولا متعلمات وغير معدين للتربية وتعديل سلوكيات الأطفال، وهنّ أصلا لم يخرجوا من بلادهم إلا بحثاً عن رزقهن عن طريق مهنة الخدمة والتنظيف،وبالرغم من علم أرباب الأسر لهذه الحقيقة إلا أننا نجد الكثير منهم يحملونهم مهام رعاية الطفل وحمايته مع مهامها الأصلية ثم مع الأيام تتطور لتتحمل مهمة الرعاية الجسدية للطفل مثل تنظيفه وإلباسه والإشراف عليه في كل مرة يدخل فيها الحمام، ثم مع الأيام تتطور لتصبح مربية وجليسة للطفل، ثم تصل للقمة مع الأيام لتصبح قدوة للطفل بكل شيء فينام معها ويتعلق بها أكثر من أمه، وتدرسه وتطعمه وتشبعه عاطفيا وهنا يكمن الخطر لأنها ألغت دور الأم التي لم يتبقى لها أي دور مع طفلها.
أيضاً الطفل ميالٌ لتقليد الكبار حرفيا ومع وجوده المتكرر مع الخادمة ولساعات طويلة سيقلدها فكريا وسلوكيا ويتكلم لغتها العربية المكسرة أو لغتها الأصلية مما يؤثر سلبا على نموه اللغويّ.
وأضاف الدكتور العربي للأسف كثير من الأزواج آباء وأمهات غير مؤهلين نفسيا وتربويا للتعامل مع أطفالهم بسبب جهلهم بطبيعة مرحلة الطفولة عموما وبمراحل نموهم النفسي، فما بالك لو وُكلتْ مهمة تربيتهم للخادمة فهي من باب أولى غير مؤهلة كذلك ولن يهمها الأطفال ونموهم النفسي السليم مثل اهتمام آبائهم بهم وأضف على ذلك اختلاف الثقافات بين الخادمة والأطفال كل ذلك يوضح لنا جميعا أن كثيرا من الأطفال هم ضحايا لآبائهم غير المؤهلين والمهملين!!
ولمعالجة مشكلة تعلق الأطفال بالخادمة أكد الدكتور العربي على ضرورة إتباّع الأم قواعد مهمة منذ البداية و هذه القواعد لتحمي أبنائك وتحافظي عليهم وتبعديهم عن مشكلة تربية الخادمة :
1- قنني دور الخادمة في التدبير المنزلي فقط ولا تحمليها فوق طاقتها لأنها لم تحضر إليك إلا للعمل والخدمات والتنظيف وليس لتربية أطفالك ورعايتهم.
2- قاعدة نفسية وتربوية هامة وهي لا يجوز نفسيا وتربويا إشراك الخادمة في المهام التالية:
أ‌- رعاية الطفل وخدماته كتنظيفه ولبسه وتحميمه وتعليمه على دخول الحمام.
ب ـ تعليمه وغرس الأفكار والقيم والتعاليم الإسلامية.
ج ـ تقويم سلوكه وتهذيب تصرفاته.
كل ذلك من أجل أن نضمن له نموا نفسيا سليما وليكون من ضمن الجيل المتميز بإذن الله.
3- رغم كل مشاغلك خصصي جزءا من وقتك اليومي للعب مع أطفالك وغرس القيم السليمة فيهم، والتركيز على الحوار معهم لتطوير مفرداتهم اللغوية.
4- لا تتخلي عن دورك كمربية: لأطفالك بحجة الانشغال غير المنطقي أو التعب أو الكسل فأنت مسئولة أمام الله عن رعيتك (أطفالك) فهم استثمارك في هذه الحياة فأبدعي في أن يكونوا متميزين سلوكيا وفكريا وعلميا وأخلاقيا.
5- اسألي نفسك هذا السؤال بشكل يومي: (ألا أنزعج عندما أرى إقبال أطفالي على خادمتي أكثر من إقبالهم عليّ؟)
6- أختي الأم المقصرة مع أطفالك: لا تنظري أن يبروا بك في كبرك لأنك لم تبريهم في صغرهم ولم تربيهم بل ربتهم الخادمة عوضا عنك، وأنت كنت غائبة ولا تنسي المقولة (حدثوا أولادكم في الصغر، يحدثونكم في الكبر)
7- قلة التركيز وقضم الأظافر والتأتأة والقلق والتبول اللاإرادي قد يكون سببها الالتصاق الشديد بالخادمة، فهي غالبا لا تشعر بالأمان ولديها قلق الغربة وقلق المستقبل وعدم الأمان.
8- آخر الدواء الكي (عاقبي نفسك): إذا قصرتي مع أطفالك رغم ما قلناه سابقا وافرضي على نفسك عقابا بأن ترسلي خدامتك الحالية لأهلك لمدة أسبوع وعيشي الواقع وتحملي مسؤولياتك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى