رفاق الدرب… بين العابر والمقيم
بقلم / ناصرمضحي الحربي
الناس ليسوا على حال واحد، ولا يمكن أن تُقاس العلاقات بمسطرة ثابتة. فمن يسير معك اليوم قد لا يسير معك غداً، ومن يرفعك في موقف قد يغيب عنك في موقف آخر. ولهذا كان من الحكمة أن يعرف الإنسان أصناف الرفقة، حتى لا يظلم نفسه ولا يُحمّل الآخرين ما ليس فيهم.
فثمة من يسير معك حتى يلقى غيرك، هؤلاء أقرب إلى الرفقة المؤقتة، وجودهم في حياتك مشروط ببديل جاهز ينتظرونه. لا يلزم أن يكونوا أشراراً، لكنهم ببساطة عابرون لا أكثر.
وهناك من يسير معك لأنه لم يجد غيرك، هؤلاء لا يرون فيك قيمة خاصة، بل يرونك خَياراً متاحاً وسط فراغ الآخرين. لا تثق كثيراً بمودتهم، لأنها مودّة ظرفية تزول بزوال الحاجة.
وهناك من يسير معك ومع غيرك في آن واحد، يتوزع قلبه أو مصلحته أو وقته، فيمنحك نصفه ويمنح الآخرين نصفه الآخر. هؤلاء قد يصعب تصنيفهم، فهم لا يقطعونك ولا يخلصون لك، بل يتركونك في منطقة رمادية من العلاقة.
أما الصنف الأخير، فهم الذين يسيرون معك ولا يريدون غيرك، يمشون معك عن اقتناع لا عن فراغ، وعن رغبة لا عن مصلحة. هؤلاء رأس المال الحقيقي في الحياة، لا تُفرّط فيهم ولا تُخاطر بخسارتهم، فخسارتهم ليست مجرد فقدان شخص، بل فقدان سند ودفء وامتداد.
الحياة مليئة بالوجوه، والزمن كفيل بكشف المعادن، لكن التحدي أن تفرّق بين العابر والمستقر، بين من يراك محطة وبين من يراك منزلاً. لا تغترّ بكثرة الماشين إلى جوارك، فبعض الخطوات لا تُقاس بالعدد، بل تُقاس بالصدق