الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

في ظل الشمس وتحت لواء الطمأنينة: نداء الرحمة في موسم الحج

✍️ ناصرمضحي الحربي :

في قلب المشاعر، حيث تهفو الأرواح إلى عرفة، وتنتشي القلوب بنداء الإيمان، أطلقت وزارة الحج والعمرة نداءها الحاني لضيوف الرحمن، تذكيرًا وتنظيمًا، حرصًا واحتواءً. لم يكن نداءً بيروقراطيًا جامدًا، بل كان صوتًا إنسانيًا نابعًا من حرص الدولة على الأرواح التي اجتمعت على صعيد واحد، تبتغي الرحمة والغفران.

في يوم عرفة، حيث الشمس ترنو من عليائها، وجهت الوزارة الحجاج إلى البقاء في مخيماتهم من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا، حمايةً لهم من وهج الشمس اللاهب، وتجنبًا لأشعتها التي لا ترحم، وحرارة الصيف التي قد تُثقل الأجساد المتعبة. فليس الخروج إلى جبل الرحمة أو مسجد نمرة في هذا الوقت إلا مجازفة لا ضرورة لها، وقد أُعطيت الرخصة والبدائل من باب التيسير لا التعسير.

وفي تناغم مع هذا الحرص، جاءت التوصيات بضرورة الالتزام بجداول التفويج المعتمدة، واستخدام وسائل النقل المخصصة داخل المشاعر، منعًا للتكدس وضمانًا لانسيابية تليق بمقام الحجاج. فقد أصبحت الحركة بين المشاعر لوحة مدروسة بدقة، لا تحتمل العشوائية، ولا ترضى بالفوضى، فكل خطوة يجب أن تكون في إطار النظام، وكل انتقال يجب أن يُسند بحكمة وتدبير.

ولأن في الحشود تختلط الوجوه وتضيع الأسماء، جاءت بطاقة “نسك” كهوية رقمية تضمن ألا يضيع أحد، وأن يصل المحتاج إلى العون في أسرع وقت. لذا كان التشديد على الحفاظ عليها، والحرص على إبرازها عند الحاجة، فالحج رحلة جسدية وروحية، لا ينبغي أن يُثقلها القلق أو ضياع الوسائل التي تعين على التنظيم.

ولم تغفل الوزارة عن شراكتها مع شركات تقديم الخدمة، فوجهت ممثليها إلى توعية الحجاج، لا من باب التلقين، بل من باب المشاركة في صون الأرواح، وتمكينها من أداء المناسك في راحة وأمان، لتكون التجربة كما أرادها الله: مليئة بالسكون، خالية من الخطر.

إن وزارة الحج والعمرة، وهي تواصل جهودها في هذا الموسم الاستثنائي، إنما ترسم بيدها خريطة سلام، وتبني بسعيها جسرًا من الأمان والطمأنينة لكل حاج، ليكون حج هذا العام، رغم شمس الصيف ووهجها، موسمًا لا يُنسى، وذكرى تُحفر في القلوب قبل الصفحات.

فطوبى لمن سمع النداء، واستجاب بحكمة، وسعى إلى نسكه في ظل النظام، ورفقة السلام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى